الشروق 24

الموقع الإخباري الأكثر ثقة في العالم

عِزُّنا بِقَانُوننا

عِزُّنا بِقَانُوننا

ياسر بن عبدالعزيز المسعود مؤسس شركة تقاضي العالمية للمحاماة والاستشارات القانونية


يأتي يومنا الوطني الـ (95) ليُرسّخ في قلوبنا مشاعر الولاء والانتماء، ويُؤكد أن هذا الوطن العظيم لم يُبنَ على الصدفة، بل على العزيمة والرؤية والبناء المتين. إنه يوم نستحضر فيه مسيرة التوحيد المباركة التي قادها الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود – طيب الله ثراه – حتى غدونا شعبًا ينعم بالأمن والاستقرار، على أرضٍ غالية تعانق طموحاتها عنان السماء وأصبحت محط أنظار العالم.
واليوم تتجه أنظارنا إلى إحدى أهم ركائز النهضة العظيمة: الأنظمة والقوانين، التي كانت ولا تزال الحارس الأمين للمكتسبات، والبوصلة التي توجه مسيرة التنمية والازدهار. وكما نفخر بقيادتنا وأرضنا وتاريخنا، فإننا نفخر أيضًا بقانوننا الذي يصون الحقوق، وينظم العلاقات، ويؤسس لمستقبل مزدهر تسوده العدالة والشفافية.
ومنذ تأسيس مملكتنا والقانونُ هو عمادُها فلا يمكن بناء وطن قوي ومزدهر دون منظومة قانونية عادلة وفعالة. لقد كان القانون رفيقًا لمسيرة التطوير الوطني، يحمي الإنجازات، ويُرسي قواعد التعامل بين الأفراد والمؤسسات (السكران، 2023).
وفي ظل رؤيتنا 2030، تَعَزَّز دورُ القانون أكثرَ من أي وقتٍ مضى؛ فقد تم العمل على تطوير البيئة التشريعية لتكون مواكبةً لتطلعات المستقبل، قائمةً على أسس نظامية متينة تحفز الاستثمار، وتحمي الحقوق، وتعزز الشفافية والمساءلة. فالقانونُ اليوم، كما الأمس، هو درعُ الوطن ورافعةُ تنميته (التقرير السنوي لرؤية 2030، 2024).
وما يميز النظامَ القانوني في مملكتنا هو مرجعيتُه الشرعيةُ الراسخةُ؛ إذ يستند في جوهره إلى الشريعة الإسلامية السمحة التي تضمن العدل والمساواة والرحمة، وتضع الإنسان في قلب الاهتمام. من هذا المنطلق، جاءت أنظمتنا كافة لتكون انعكاسًا حيًّا لقيم الإسلام ومقاصده العُليا(النظام الأساسي للحكم، المادة 7).
لكنّ مملكتنا لم تقف عند الأصالة فقط، بل سعت أيضًا إلى التطوير المستمر، فشهدت السنواتُ الأخيرة تحديثًا شاملًا للعديد من الأنظمة مثل: نظام الأحوال الشخصية، ونظام الشركات، ونظام الإثبات، وغيرها، بما يتماشى مع المتغيرات المحلية والدولية (هيئة الإذاعة البريطانية، 2021). وهذا ما يجعل النظام القانوني السعودي نموذجًا فريدًا من التوازن بين الأصالة والمعاصرة، يجمع بين ثوابت الشريعة ومرونة التشريعات الحديثة؛ ليحقق العدالة، ويحمي الحقوق، ويواكب تطورات العالم.
وهذا النظام ليس فقط منظومةً لتنظيم العلاقات، بل هو درعٌ يحمي الإنسان في حياته اليومية؛ في بيته، وعمله، وسائر تعاملاته. فكل مواطن ومقيم في المملكة يجد في القانون سندًا يحميه من الظلم، ومرجعًا يلجأ إليه عند النزاع، وضمانًا لحقوقه وواجباته (لويد، 1981). لقد أسهمت البيئةُ القانونية المتطورة في تعزيز الثقة بين الأفراد، وفي بناء علاقة متوازنة بين المواطن ومؤسسات الدولة، قائمةً على الاحترام والعدالة. وهذا ما يجعل المواطن يشعر بعزته، ويفتخر أنه يعيش في وطن يحكم بشرع الله، وحازم في أنظمته وقوانينه، ويصون كرامته، ويضمن له العدالة دون تمييز أو محسوبية (بن سفران، 2024).
ولا يقتصر دور القانون على خدمة الأفراد فقط، بل يمتد لخدمة الاقتصاد أيضًا. فقد أصبحت مملكتنا اليوم وجهة استثمارية رائدة، وبيئة جاذبة للأعمال، بفضل ما أُقر من أنظمة تضمن الشفافية وتحفز النمو، وتوفر الحماية للمستثمرين المحليين والدوليين (التقرير السنوي لرؤية 2030، 2024).
ومن خلال تحديث الأنظمة التجارية، وتطوير المنظومة القضائية، وتعزيز مبدأ حوكمة الشركات، استطاعت المملكة أن ترسخ مكانتها كمركز مالي وقانوني عالمي يربط الشرق بالغرب، ويضعها في مصاف الدول التي تُحتذى في بيئة الأعمال (أرابيسك لندن السعودية، 2025).
ختامًا : “عزُّنا بقانوننا ” ليست مجرد شعار، بل هي تجسيد لقناعة وطنية راسخة بأن العدالة قوة، وأن احترامَ القانون هو طريقُ النهضة والاستقرار. فالمملكة بقيادتها الرشيدة لم تدخر جهدًا في تطوير بنيتها القانونية بما يخدم كلَّ من يعيش على أراضيها. وفي هذا السياق نذكرُ فضل الله ونُفاخر بأن أنظمتنا لم يُعلّق العمل بها يومًا، وبأن عَلَمَنا لا يُنكَّس أبدًا؛ رمزًا للاستقرار والكرامة والسيادة. كما نُفاخر بجيل جديد من أبناء الوطن القانونيين– من المحامين، والقضاة، والمحققين، والمفكرين، والباحثين القانونيين – وهم يواصلون المسيرة، ويرفعون راية مملكتنا عاليًا في المحافل الإقليمية والدولية، بفكرهم وكفاءتهم وتمسّكهم بالقيم التي قامت عليها هذه البلاد المباركة.

Tags

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عن الكاتب

Alex Lorel

Lorem ipsum dolor sit amet, consectetur adipiscing elit, sed do eiusmod tempor incididunt ut labore et dolore magna aliqua veniam.

تابعنا علي السوشيال ميديا

الوسوم