تخطط المملكة العربية السعودية لزيادة سعتها الفندقية بشكل كبير، حيث تستهدف إضافة 320 ألف غرفة فندقية جديدة بحلول عام 2030، ويأتي ذلك استعدادًا لاستقبال تدفق سياحي هائل متوقع أن يصل إلى 150 مليون زائر سنويًا، ورغم أن هذا التوسع يمثل نقلة نوعية في قطاع السياحة والضيافة في المملكة، إلا أنه يضع الفنادق والمنتجعات في منافسة شرسة، فمع زيادة العرض بشكل كبير، ستضطر هذه المنشآت السياحية إلى تقديم عروض وخدمات أكثر جاذبية لاستقطاب النسبة الأكبر من الزوار.
وفي إطار سعيها لمساعدة أصحاب الفنادق والمستثمرين على اتخاذ قرارات استثمارية مدروسة، أجرت شركة وايت ووتر، المتخصصة في تصميم وتصنيع وسائل الترفيه المائية ، بالشراكة مع شركة Hotel & Leisure Advisors، دراسة استقصائية في عام 2019 حول تأثير الحدائق المائية على أداء المنشآت الفندقية والمنتجعات السياحية، بما في ذلك متوسط الإيراد اليومي للغرف ومعدلات الإشغال ، وبعد مرور خمس سنوات، أعادت الشركتان تقييم هذه الدراسة لتقديم رؤى أعمق حول العلاقة بين المرافق المائية ورضا الضيوف والنجاح طويل الأمد للمنشآت الفندقية.
إيرادات قياسية
وقد أظهرت نتائج الدراسة ، التي استندت إلى بيانات شركة Smith Travel Research المتخصصة في أبحاث سوق الضيافة العالمية أن الفنادق والمنتجعات التي توفر مرافق مائية متنوعة ، مثل الألعاب المائية ، وأحواض السباحة بالأمواج الصناعية ، ومناطق الالعاب المائية التفاعلية، وأحواض ركوب الأمواج، والألعاب المائية متعددة المستويات، حققت إيرادات يومية للغرفة الواحدة أعلى بنسبة 53% خلال عام 2023، مقارنة بمتوسط الإيرادات في فنادق ومنتجعات منطقة الشرق الأوسط.
وأكد جيريمي جراي – نائب رئيس تطوير الأعمال في شركة وايت ووتر- أن الحدائق المائية أصبحت عنصرًا أساسيًا في تعزيز تنافسية الفنادق والمنتجعات في المنطقة ، وخصوصًا في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر، قائلًا: ‘تعتبر هذه الحدائق استثمارًا استراتيجيًا ، فهي تساهم بشكل كبير في زيادة رضا الضيوف ، وجذب شرائح جديدة من الزوار مثل العائلات ومحبي المغامرة ، وتعزيز قيمة المنشآت الفندقية، مما ينعكس إيجابًا على معدلات الإشغال والإيرادات والأرباح”.
نمو عالمي
وأوضحت الدراسة أن الاستثمار في الحدائق المائية لم يقتصر على منطقة الشرق الأوسط ، ففي أمريكا الشمالية سجلت الفنادق والمنتجعات المزودة بمرافق مائية نموًا ملحوظًا في إيراداتها، حيث تراوحت الزيادة في الإيراد اليومي للغرفة الواحدة بين 29.1% و111.3% مقارنة بالمتوسط العام لقطاع الضيافة في الولايات المتحدة خلال عام 2023.
كما تمثل هذه النسبة زيادة كبيرة مقارنة بالدراسة التي أجرتها وايت ووتر عام 2019 ، والتي أفادت أن متوسط الإيراد اليومي لغرف الفنادق المزودة بمرافق مائية ارتفع بنسبة تتراوح بين 20.4% و78.1% مما يؤكد أن الاستثمار في الأماكن الترفيهية المائية أصبح عاملاً حاسمًا في تعزيز الأداء المالي للمنشآت الفندقية.
حدائق مبتكرة
ويتعاون أكثر من 300 فندق مع شركة وايت ووتر لإضافة مرافق مائية مبتكرة، مستلهمين من قصة نجاح حديقة “أكوافينتشر” في فندق أتلانتس دبي، الواقع في قلب نخلة جميرا، والذي يضم أكثر من 2300 غرفة بالإضافة إلى الفلل، وقد حققت هذه الحديقة منذ افتتاحها عام 2008، نجاحًا باهرًا باستقطاب ملايين الزوار من مختلف الجنسيات، مما ساهم في زيادة إيرادات الفندق، والحفاظ على مكانته كوجهة سياحية عالمية.
وبفضل نجاح الحديقة المائية والتوسعات الكبيرة التي شهدتها، تمكن الفندق من تمويل مشاريعه التوسعية من أرباحها، واستمر في تقديم خدمات جديدة ومتنوعة للنزلاء ، مما شجعهم على تكرار الزيارة ، وفي عام 2023 ، استقطبت “أكوافينتشر” ما بين 35% إلى 40% من زوارها من الفنادق الشريكة ، بينما جاءت النسبة المتبقية من السياح والمقيمين الذين اشتروا تذاكر يومية ، وقد بلغ إجمالي عدد زوار الحديقة حوالي مليون وثمانمائة ألف زائر خلال العام.
وأكد ساشا تريمر – نائب الرئيس للمرافق والأنشطة المائية في منتجع أتلانتس النخلة بدبي- أن الحدائق المائية تمثل استثمارًا استراتيجيًا يساهم في تعزيز جاذبية المنتجعات السياحية، خاصة للعائلات، مما ينعكس إيجابيًا على معدلات الإشغال والإيرادات ورضا النزلاء، مشيرًا إلى الاستثمارات المتتالية في الحديقة المائية بمنتجع أتلانتس النخلة، والتي تضمنت إضافة أحدث التقنيات الترفيهية وأكثرها إثارة، مثل جهاز ركوب الأمواج في عام 2018، وافتتاح مرحلة توسعية جديدة وغير مسبوقة عالميًا شملت البرج المائي الثالث، والتي أثمرت عن نمو ملحوظ في عدد زوار الحديقة المائية، حيث تضاعف العدد تقريبًا خلال السنوات الثلاث الماضية
خيارات ترفيهية مخصصة للعائلات
تعد الحدائق المائية الواسعة ، مثل حديقة “أكوافينتشر” الموجودة في منتجع أتلانتس دبي، والتي تبلغ مساحتها 225 ألف متر مربع ، من أبرز العوامل التي تجذب النزلاء إلى الفنادق والمنتجعات ، وأشارت الدراسة إلى أن المرافق المائية ، سواء كانت كبيرة أو صغيرة الحجم، قادرة على تحقيق عوائد مالية ضخمة، مما يساهم بشكل ملحوظ في زيادة إيرادات هذه المنشآت.
وفي دولة قطر، شهد قطاع الضيافة نموًا غير مسبوقًا خلال استضافة بطولة كأس العالم 2022، حيث تم بناء أكثر من 100 فندق جديد، وقد استغل منتجع “هيلتون شاطئ سلوى” هذه الفرصة بإطلاق حديقة “ديزرت فولز” الترفيهية المائية في عام 2021، والتي تبلغ مساحتها 60 ألف متر مربع، وتضم 18 معلمًا سياحيًا و56 لعبة متنوعة تلبي احتياجات جميع أفراد العائلة ، مما أدى إلى زيادة متوسط مدة إقامة النزلاء ورفع معدلات الإشغال بشكل ملحوظ.
وأكدت الدراسة أن العائلات تفضل الإقامة لفترات أطول في الفنادق والمنتجعات التي تتوفر فيها خيارات ترفيهية متنوعة، وقد أثبت منتجع هيلتون شاطئ سلوى صحة هذا الأمر، حيث حقق أعلى نسبة إشغال وأعلى متوسط سعر يومي للغرفة مقارنة بغيره من المنتجعات في قطر خلال عام 2021، ويعزى هذا النجاح بشكل كبير إلى افتتاح الحديقة المائية، التي قدمت للنزلاء تجربة ترفيهية فريدة.
ولم يقتصر الأمر على المنتجعات الفاخرة فحسب، بل أثبتت الفنادق التي استثمرت في إنشاء منزلق مائي أو اثنين مختارين بعناية ارتفاعًا ملحوظًا في أرباحها، ويتضح ذلك في نجاح فندق “والدورف أستوريا لوسيل الدوحة” الذي يضم مرافق مائية تمتد على مساحة 1500 متر مربع ، ويقدم مجموعة متنوعة من الألعاب المائية المثيرة، مثل العاب الحبال المائية ومحاكاة ركوب الأمواج.
وفي هذا الصدد أشار نائب رئيس تطوير الأعمال في شركة وايت ووتر، إلى أن حجم الحدائق المائية وحده لا يكفي لتحقيق النجاح ، بل يكمن السر في تحديد الجمهور المستهدف ، وفهم تفضيلاته ، وتصميم تجربة مائية فريدة ومميزة من خلال تلبية احتياجات هذا الجمهور، مؤكدًا أنه من خلال هذا النهج ، يمكن للمنشآت الفندقية جذب المزيد من الزوار وزيادة مدة إقامتهم، وهو ما يساهم بدوره في زيادة أرباح المنشآت الفندقية.
مستقبل واعد للفنادق والمنتجعات
مع التوقعات بزيادة أعداد الزوار إلى المملكة ، يتجه المستثمرون أنظارهم نحو قطاع الضيافة الفندقية الواعد، وتبرز أهمية دمج المرافق المائية في التصاميم الفندقية كعنصر أساسي لتحقيق التوازن بين الاستمتاع بالطبيعة والرفاهية، حيث تؤكد التجارب العالمية ، لا سيما في دول الجوار، أن المرافق المائية الفاخرة تلعب دورًا حاسمًا في تعزيز تجربة الإقامة الفندقية.
فمن خلال توفير مناطق ترفيه مائية متنوعة ومصممة بعناية ، تستطيع الفنادق والمنتجعات السعودية جذب العائلات، وزيادة رضا الضيوف ، وتحقيق عوائد مالية أفضل ، ومع سعي المملكة العربية السعودية لترسيخ مكانتها كوجهة سياحية عالمية رائدة ، يمثل دمج المرافق المائية قرارًا استراتيجيًا يساهم في دفع عجلة النمو في قطاع الضيافة.
وتقدم شركة وايت ووتر، التي تتمتع بخبرة تزيد عن 40 عامًا في تصميم وتجهيز المتنزهات المائية للفنادق والمنتجعات، مرافق مخصصة تعزز تجربة الضيوف وتشجع على الإقامات الطويلة ، مما يساهم في رفع متوسط أسعار الغرف اليومية ، ويزيد من العائد المحتمل للفنادق والمنتجعات نتيجة لزيادة الإيرادات.
اترك تعليقاً